اليوغا تشفي ... اليك العلاج!

وصفة اليوغا الطبية للصحة والشفاء، هل هي واقع عمليّ يمكنكِ تطبيقه للانطلاق نحو العافية والراحة النفسية؟ كيف تستخدمين تقنيات هذه الرياضة القديمة في الوقاية والشفاء من الأمراض الشائعة في أيّامنا؟ كتاب «اليوغا الشافية» الصادر عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» يجيبكِ عن جميع الأسئلة التي تراودك ويطرح بين يديك وسائل العناية بصحتك، وطرائق ممارسة اليوغا بأمان لمجابهة مختلف الأمراض.

يقول الدكتور تيموثي ماكول، مؤلّف هذا الكتاب، إنه تعرّف على اليوغا في منتصف عمره، فتغير جسمه من نواحٍ عدّة لم يكن يحلم بإمكان تغييرها، وانتعشت حالته الذهنية، وتملكته المشاعر الطيبة. واليوغا ليست لفريق معيّن من الناس لأنه يمكن لأي شخص أن يزاولها بمن فيهم أولئك الذين يبدأون بقليل من القوّة أو الطاقة أو المرونة، وأولئك الذين هم مرضى أو مصابون.

ومن المفيد جداً أن نعي بالتحديد ما جرى للمؤلف بعد ممارسته اليوغا إذ قال: «مع التدريب المنتظم، أخذت تحصل أمور مذهلة، فبعد بضعة أشهر بدأ صدري ينشرح ولاحظ أفراد أسرتي واصدقائي بأن وقفتي المترهلة المزمنة جراء سنوات من الدراسة وعمل الكمبيوتر، بدأت تتحسّن. كما أن العقد التي حسبت بأنها شيء ثابت دائم في ظهري العلوي تلاشت ببطء... وربما ما كان أكثر عمقاً من التأثير الجسدي هو فوائدها الذهنية والنفسية، فقد لاحظت تغيراً في نظرتي للأشياء وبدا أن المشاكل لم تعد تؤثر بي كثيراً».

يضع المؤلِّف بين يديك ثلاثة أقسام رئيسة تساعدك على فهم الموضوع بعمق وبساطة، فيطرح في القسم الأول اليوغا بمثابة علاج، وفي القسم الثاني يحث على طرق ممارسة اليوغا بأمان، ويضع القسم الثالث العلاج باليوغا في موضع التنفيذ.

اليوغا كعلاج

لا بد أن يطّلع ممارس اليوغا على كل ما يتعلّق بها من علم، وعن العلاج بها والأفكار الخاطئة الشائعة عنها. وينبغي أن يعرف أنها ليست ديناً رغم أنها نشأت أساساً في الهند القديمة ولها جانب روحاني بالتأكيد. والواقع أنها تمارس من قبل المسلمين والمسيحيين واليهود والبوذيين وغيرهم.

ويمكن تفسير المنافع الصحية لليوغا جزئياً من خلال حقيقة أن التدريبات المتنوعة من التمدد والتنفس والحركة والتوازن والتأمل والقوة تؤمن العديد من منافع النشاطات الأخرى التي تتطلب مجهوداً مثل المشي ورفع الأثقال وغيرها. وخلافاً لآلات الرياضة في النوادي الصحية يكتشف معظم الناس الذين يمارسونها بانتظام بأنها تصبح أكثر متعة مع مرور الوقت.

إن الممارسة الفعلية كل يوم لمقدار محدّد من الوقت أقلّه خمس عشرة دقيقة كبداية بتنفيذ بعض التمارين الواردة في الكتاب قد تشعرك بأنك أفضل حالاً بكثير، وتشجعك على زيادة المدة لمزاولة اليوغا. وعندما تصلين الى مرحلة الوعي تشعرين فعلاً بمتعة هذه التمارين، وتتذكرين المعلّم فيفكاناندا الذي قال: «ما من عضلةٍ في جسم الإنسان لا يستطيع الإنسان أن يحكم سيطرته عليها. يمكنه أن يجعل القلب يتوقف أو يكمل عمله كما يريد، وكل جزء من جسم الكائن الحيّ يمكن التحكّم به بالطريقة نفسها».

ممارسة بأمان

إنّ المبدأ الأساس في اليوغا ألا تفعلي ما يؤذي. وهذا يعني أن تلزمي دائماً جانب السلامة لدى تأديتك لها. انطلقي ببطء، واحترمي حدود جسدك واستمعي لحكمته الفطرية. وكلما مارست اليوغا أكثر، كلما ملكت إمكانية الدخول أكثر الى تلك الحاسة البديهية التي تخبرك بما هو مفيد لك وما هو ضار.

إن ممارسة وضعيات اليوغا لا تخلو من المخاطرة، فقد تجهد عضلة، أو تلهب مفصلاً، أو تقعين وتؤذين نفسك. ولكن إذا ما أدّيتها بعناية فإن اليوغا تعتبر من ناحية السلامة واحدة من أكثر النشاطات الجسدية التي يمكنك أن تسعي في طلبها. فإذا اتبعت التدابير الوقائية الأساسية، وحصلت على إرشادات جيدة، وأديت تدريبك بإدراك ووعي، فإن المخاطر تصبح صغيرة وخصوصاً عند مقارنتها بالمنافع المحتملة.

ولا يخفى أن بعض التدريبات اليوغية هي غير ملائمة لكل شخص، وبنوع خاص الذين يأتون الى اليوغا بسبب حالات صحية، فالكثير من المشاكل الطبية المختلفة تجعل احتمال الإصابة من جراء تدريبات يوغية معيّنة كبيراً جداً، وهنا ينبغي الحرص والتحدث مع الطبيب عن الوضعيات غير الملائمة.

إن جزءاً كبيراً من إبقاء نفسك آمنةً مع اليوغا هو في التآلف مع كيفية شعورك أثناء التدريب وبعده على حد سواء. فقد يؤلمك جسمك على سبيل المثال في اليوم التالي لتدريب قويّ. لكن لا بأس بقليل من الوجع في العضلات لأنه سيزول سريعاً. ومع ذلك، لا يجب أن تؤلمك المفاصل أكثر من المعتاد سواء خلال التدريب أو بعده. وإذا آلمتك بالفعل فتلك إشارة الى قيامك بوضعية خاطئة.

في موضع التنفيذ

يضع القسم الأخير من الكتاب العلاج باليوغا في موضع التنفيذ مبتدئاً بعلاج القلق ونوبات الذعر عندما تخرج عن السيطرة وتسبب أعراضاً موهنة من ضمنها التفكير الاستحواذي والصداع النصفي والدوار والغثيان وضيق النفس. وفي هذا المجال تقدّم اليوغا تقنيات خاصة يمكنها أن تقلل الأعراض على المديين القصير والطويل على حدّ سواء.

وتساعد اليوغا في داء التهاب المفاصل على منع أو تقليل تآكل الغضروف الذي يسبّب الم المفصل، وفي إحداث سهولة أكبر في الحركة وتقليل الألم ضمن المفاصل التي أصيبت فعلياً بالتلف.

وتحسّن اليوغا أنماط تنفس المصابين بالربو بالمساعدة على إمداد الأكسجين الى الأنسجة، والتقليل من مستويات الإجهاد والحث على الاسترخاء العضلي.

وفي ما يتعلق بآلام الظهر فإن اليوغا تشدّد على إزالة أسباب التوتر العقلي وعلاقته بتشنج عضلات الظهر إضافة الى تحسين أوضاع الوقوف والجلوس والقيام ببعض التمارين الخاصة.

ولا يتوقف كتاب الدكتور تيموثي ماكول عند هذه الأوجاع، بل يتعداها للمساعدة والتخفيف من أمراض السرطان والاكتئاب وداء السكّر والصداع واعتلال القلب وضغط الدم المرتفع وفيروس نقص المناعة البشرية والعقم وغيرها وكلّها مدعومة بتمارين ومقاربات ونصائح قابلة للتطبيق والممارسة اليومية.

للقلق ونوبات الذعر

* الاكتئاب، وداء السكر، ومرض الغدة الدرقية هي جميعاً من بين الحالات التي يمكن أن تسبب القلق ويجب أن تستثنى و/أو تعالج.

* إذا كان الغضب الواضح أو المستوى المنخفض من احترام النفس يشكلان جزءاً من أعراضك، فربما تعاني من اكتئاب ضمني وقد تستفيد من استشارة طبيب أو معالج نفسي.

* يمكن أن يكون العلاج النفسي وسيلة هامة لتهدئة القلق. يرجح أن يكون جمع العلاج والأدوية أو العلاج واليوغا أكثر فعالية من استخدام كل طريقة بمفردها.

* رغم أن المسكنات في عائلة الفاليوم غالباً ما يتم وصفها لتهدئة القلق، إلا أنه بسبب التأثيرات الجانبية لها مثل النعاس والإدمان، يفضل معظم الخبراء عندما يضطرون لوصف أدوية، مضادات الاكتئاب مثل البروزاك أو الزولوفت.

* يمكن للتقارير الإخبارية وخاصة أخبار التلفاز أن تغذي القلق. بدلاً من مشاهدة الأخبار لنصف ساعة في اليوم، مارس اليوغا عوضاً عن ذلك وانظر إن كنت تشعر بتحسن.

* يقترح رولف تقليل استهلاك الطعام المعالج، والأطعمة السريعة الجاهزة، والكيمياويات التي تزيد من تنشيط جهازك العصبي. وهو ينصح تحديداً بتقليل أو إلغاء استهلاك الكافيين، والسكر، والكحول، والنيكوتين. كما يفضل رولف الطعام المطهو جيداً على الطعام النيئ بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من القلق، وهي نصيحة تتماشى مع التفكير الأيورفيدي.

* يبدو أن الأحماض الدهنية أوميغا ـ 3 المتواجدة في بعض أسماك المياه العميقة وفي زيت بزر الكتان تخفض القلق.

* البابونج الألماني، وصبغة زهرة الآلام، وفيتامينات B المكملة، والمغنيزيوم هي جميعاً علاجات آمنة يبدو أنها تحتوي على خواص مضادة للقلق. كما ظهر أن المعالجة العطرية بروائح مثل الخزامى لها تأثير مهدئ.

* من التدابير الأخرى لمصارعة القلق هناك الوخز بالإبر والتمارين الهوائية المنتظمة.

لألم الظهر

* إن تغييرات الوضع المتكررة هي طبيعية وصحية. حاول أن تأخذ استراحات منتظمة أثناء العمل وهيئ مكتبك بحيث تضطر الى القيام من أجل إحضار الملفات أو للإجابة على الهاتف.

* عندما ترفع أشياء ثقيلة، استخدم رجليك قدر الإمكان. إذا كنت مضطراً للانحناء نحو الأمام، فلا تنحن عند الخصر. انثنِ الى الأمام من عند الوركين دون أن تسمح لأسفل ظهرك أن يتكوَّر. حاول أن تحافظ على تقوس طبيعي في الجزأين السفلي والعلوي من العمود الفقري وتجنب الالتواء والانحناء في الوقت نفسه لأن هذه آلية شائعة لإصابة الظهر.

* انتعل الحذاء الملائم. تؤدي الأحذية الضيقة عند مقدمها الى شد في الرجلين والظهر. يقصر الكعب العالي عضلات ربلة الساق وأوتار المأبض ويمكن أن يسهم في اجهاد الظهر.

* الكريمات الموضعية المشتملة على Capsaicin أو زهرة العطاس والمروخات (المراهم) المرتكزة على الميثيل ساليسايليت والمنثول والكافور هي مسكنة وآمنة جداً.

* يجد العديد من الناس أن تطبيقات الثلج مفيدة، وحالما تبدأ الإصابة بالشفاء يبدِّلون الى الحرارة الرطبة، إما لوحدها أو بالتناوب مع الثلج.يمكن للحرارة أيضاً أن تكون مفيدة لتقليل التيبس قبل البدء بالتمرين.

* يمكن لشاي لحاء الصفصاف (الذي يحتوي على مكوِّن الأسبرين النشط) أن يكون مفيداً.

* إذا كان ألمك حاداً ولا يستجيب للأدوية غير الموصوفة أو وصفات مسكنات الألم المضادة للالتهاب، فاسأل طبيبك عن وصف الـ opioids. فهي بشكل عام أكثر فعالية وأمناً من العديد من أدوية الألم الأخرى، ولكن بسبب الخوف المبالغ فيه من الإدمان، فهي لا تستخدم كثيراً كما يجب.

* الدليل على الوخز بالإبر لتخفيف ألم الظهر متفاوت، ولكنه آمن جداً ويستحق النظر فيه.

* تستطيع مقاربات عمل الجسم باللمس باليدين مثل المعالجة اليدوية، والعلاج الفيزيائي، والتدليك العلاجي، وتجبير العظام أن تساعدك خلال ظهور ألم الظهر (ومع ذلك لا يقوم كل مجبري العظام بعالجة يدوية، ولهذا اسأل قبل أن تأخذ موعداً).

* تجد جوديث أن العديد من الناس الذين يعانون من ألم الظهر يحصلون على نتائج أفضل إذا جمعوا ممارستهم لليوغا مع عمل الجسم مثل «التحرير اللفافي العضلي myofascial release» المصمم لإزالة التشنجات في العضلات والنسيج الرابط، والتخلص من النسيج الندبي والفصلات المتخلفة عن إصابات سابقة.

* لقد وجدتُ بأن تقنية ألكسندر التي تؤكد على التعليم الوضعي (طريقة الوِقفة والجِلسة) هي فعالة تحديداً لمشاكل الظهر سواء كوقاية أو كعلاج، يمكن أن تكون طريقة فيلدينكريس قيّمة على نحوٍ مماثل.