2008-11-22
لم يكن مؤتمراً صحفياً ولا مقابلة، بل
لقاء أرادته الفنانة التونسية لطيفة حميماً مع صحافيين، جمعتهم حول طاولة
مستديرة افتقدت إلى التناغم والانسجام، فجاءت الأسئلة على قاعدة «من كل
واد عصا»، لم تكترث الفنانة، فهي كانت تعلم مسبقاً المحاور التي ستجيب
عليها، سواء أعجبت الصحافيين أو لم تعجبهم.
«لا تحدثوني عن حياتي الخاصة»، «لا أريد الدخول في مشاكل الفنانين»،
«الوسط الفني بألف خير ولو لم يكن كذلك»، «أنا لا أرى لا أسمع ولا أتكلم
إلا بحدود»، «لا علاقة لكم بطباعي»، «حدثوني عن ألبومي الجديد فحسب».
ألبوم مضت على صدوره أشهر طويلة، وألبوم جديد تلزمه أشهر ليصدر، عن ماذا
سنحدّث لطيفة؟ عن مشاركتها مع الرحابنة؟ قد يقفز إلى ذهن أحدنا سؤالها عن
مسرحية «زنوبيا» التي دار دور البطولة فيها بينها وبين زميلتها كارول
سماحة ليستقر على هذه الأخيرة، لتبدي لطيفة امتعاضها من السؤال المتكرر.
انطباعات سلبية خرج بها الزملاء من تعالي الفنانة التي تحدّثت بفوقية لا
تليق بنجمة مرهفة الإحساس، وهذه مقاطع من بعض الأسئلة التي انتزعت إجابات
لم تكن شافية، أبادرها بالسؤال:
• لماذا هذه الطريقة في المقابلات الصحفية، وكأنه مؤتمر صحفي يخلو من الحميمية؟
ـــ لأن وقتي قصير جداً ولا يسمح لي بلقاء كل صحافي على حدة، لكن إذا كان
لديك استفسار خاص أرسليه إلي عن طريق الإيميل وسأتولى الإجابة عنه.
• إطلالاتك الصحفيّة نادرة جداً، فكيف تصفين علاقتك بالصحافة عموماً؟
ـــ علاقتي بالصحافة جيّدة، لكني أفضل عدم الظهور إلا إذا كان لديّ ما أقوله، لا أحب أن أطل لمجرد الظهور.
• يقال إنك من الفنانين الذين يتضايقون من النقد السلبي؟
ـــ لا أتضايق من النقد لأني درسته واعرف ما هو، لكني أميز بين النقد
والانتقاد الذي لا أعيره أدنى اهتمام ولا أقرأه. النقد السليم الذي يسلط
الضوء على الأمور السلبية والإيجابية أرحب به، فالنقد هو إبراز الجماليات
في العمل، أما الانتقاد فهو استقصاء إظهار السلبيات أو ما يراها الكاتب
سلبيات. أنا مع النقد المنطقي والموضوعي، أما الانتقاد لمجرد الانتقاد فلا
يعنيني.
• هل تنتقدين نفسك؟
ـــ أنا أنقد نفسي ولا أنتقدها.
• بالمقارنة بين الألبوم الحالي والسابق ثمّة نقد، ماذا تقولين عنه؟
ـــ ألبومي السابق لا مجال لمقارنته بأي ألبوم آخر، لأنه عمل زياد
الرحباني الذي أعتبره مدرسة قائمة بحد ذاتها، في البداية تعرّض الألبوم
لانتقادات قليلة من قبل أشخاص لم يسمعوا الألبوم أصلاً، فقد تركزت
الانتقادات على «بنص الجو» التي لم يسمعوا منها سوى «ضويلي الضو وطفيلي
الضو» ولم يسمعوا في نهايتها حين أقول «لشو التقليد لشو التعقيد أنا
أطباعي شرقية».
• البعض اعتبر أن هذا اللون لا يشبهك؟
ـــ أنا أصلاً لم أكن يوماً محصورة بلون واحد، وإلا لكنت عشت على أمجاد
أغنية «بحب بغرامك» التي نجحت نجاحاً ساحقاً، أنا كسرت وغيرت ونوّعت.
• غنيت لطيفة أم زياد؟
ـــ غنيت لطيفة وزياد معاً.
• على سيرة أغنية «بنص الجو»، الأغنية أثارت حتى مغنيات الإثارة اللواتي
اعتبرن أن ثمة ظلما يلحق بهنّ بينما أخطاؤك أنت مغفورة خصوصاً عندما
تقولين «صرلك جمعة مصاحبني»؟
ـــ وما المشكلة أن يصاحبني جمعة، اليوم الكل أصحاب. عموماً لا تعليق على مثل هذه النوعية من الفنانات، رأيهن لا يهمني.
أعشق اللهجة الخليجية
• حدثينا عن أعمالك الجديدة، سمعنا أنك تحضرين لأغان خليجية؟
ـــ نعم وأغتنم المناسبة لأعرب عن عشقي لهذه اللهجة، فأنا غنيت الليبي
والتونسي والمصري واللبناني والخليجي، وغنيت باللغة الفرنسية، لذا أعتبر
أنه من المعيب أن نقول هذه المغنية جنسيتها كذا، ومن غير المناسب أن تغني
بغير لهجتها. فكل الفنانين العالميين غنّوا بأكثر من لهجة ولغة، ومن
المعيب أن نصنّف الفنان حسب لهجته في وطن واحد تجمعه لغة واحدة بعدة
لهجات. حالياً أحضّر لأكثر من عمل خليجي، فألبومي المقبل أحضّره منذ سنتين
وهو عربي شامل.
• قلت إنك تحضّرين لألبومك الجديد منذ سنتين، ما معايير اختيارك للأغاني؟
ـــ أختار ما يشبهني من أغان، حتى لو لم أكن أعرف الملحن أو الشاعر، أنا فنانة أغني بدماغي.
• متى سيصدر الألبوم؟
ـــ عندما أنتهي من تحضيره، وربما سنطلقه خلال شهرين إن شاء الله.
• تحضّرين لمشروع فيلم مع الكاتبة أحلام مستغانمي، ماذا تحدثينا عنه؟
ـــ الفيلم سيكون من كتابة أحلام التي بدأت بالمشروع قبل ثلاث سنوات، وشارفت على إنجاز القصة.
• هل سيكون خالد يوسف هو مخرج الفيلم؟
ـــ لا لن يكون خالد مخرج الفيلم، وحالياً لن أدلي بتفاصيل أكثر.
العمل مع الرحابنة شرف
• على سيرة التمثيل، هل سنراك مجدداً في مسرح الرحباني لا سيما أن اسمك كان مطروحاً لمسرحية «زنوبيا»؟
ـــ لمَ لا، فالعمل مع الرحابنة يشرفني ويشرف أي فنان عربي. وبالمناسبة
فقد كان عليّ حينها الاختيار بين المسرحية وألبومي مع زياد، فاخترت ألبومي.
• إذاً بين الرحابنة اخترت زياد، هل تتوقين إلى المسرح الرحباني أم ثمة معايير لقبولك الدور حتى لو كان بتوقيع رحباني؟
ـــ كل أعمال الرحابنة راقية، لكني أفضل أداء الأدوار التي تشبهني، وثمة أعمال تنفع غيري أكثر.
• بالمناسبة هل شاهدت «زنوبيا» وما رأيك بأداء زميلتك كارول سماحة للدور؟
ـــ للأسف لم أشاهد المسرحية لأن الظروف لم تسعفني.
• بالمناسبة، لماذا تدخلت وزارة الثقافة المصرية لمنع عرض مسرحية «حكم الرعيان» في القاهرة؟
ـــ الشركة المنتجة عرضت تقديم المسرحية في مصر وقيل لي إن العرض رفض بسبب بعض التحفظات على النص.
• التحفظات كانت على موضوع الوراثة السياسية التي تتناولها المسرحية؟
ـــ المسرحية تتناول كماً من القضايا المؤسفة في عالمنا العربي، والحمد
لله أن لبنان يتمتع بقدر رائع من الحرية والديموقراطية، ليعرض هذا العمل،
مع الإشارة إلى أننا قدمنا المسرحية في كل من سوريا وقطر، كما أن ثمة
دولاً رفضت عرض المسرحية.
ضد التوريث السياسي
• ما رأيك بمسألة التوريث السياسي التي أصبحت سمة الحياة السياسية في أكثر من بلد عربي؟
ـــ أنا بالطبع ضد التوريث السياسي إذا لم يكن باختيار شعبي.
• هل تتمكنين من المجاهرة بآرائك السياسية في تونس؟
ـــ في تونس وفي كل مكان، علماً بأن تونس ليس فيها توريث سياسي.
• لكن الرئيس التونسي لم يتغيّر منذ سنوات؟
ـــ نعم هذا صحيح، لكني لا أعتقد أنه سيورث الحكم لابنه لأنه لا يزال
صغيراً في السن. في النهاية هذه مشكلة شعوب ومشكلة سلطات، لا أحب الدخول
في التفاصيل لكني عموماً ضد التوريث.
• في رأيك هل على الفنان أن يغني فحسب؟ وفي مسألة المجاهرة بالرأي
السياسي، هل تعتقدين أنه من الحنكة الابتعاد عن التفاصيل عندما تكون هذه
التفاصيل مؤذية بحق الفنان؟
ـــ حسب ما هي التفاصيل، سألتموني أنت مع أو ضد فأجبتكم أنا ضد.
• لنعود إلى الغناء، ما الأغنية التي ترددينها باستمرار؟
ـــ الموضوع يتعلق بعقلي الباطني، وبمزاجي، أحياناً تترافق الأغنية مع
حالة ما أعيشها فأرددها باستمرار مثل «لما يجيبوا سيرتك»، «استحالة»،
«حاسب من الوحد عليّا»، ثمة أغان كثيرة تخطر على بالي لكنها ليست حاضرة
الآن.
• وماذا عن أغنية «تلومني الدنيا»، متى تغنيها لطيفة؟
ـــ لا أغنيها كثيراً.
• هل ندمت على أغنية قدمتها؟
ـــ لغاية الآن لا، ولو قدّر لي أن أعاود مسيرتي سأعاود بناءها كما فعلت، وسأقدم الأعمال ذاتها.
خوف وقلق
• حياة الفنانين ليست كما يتراءى للبعض مال وشهرة ونجومية فحسب، إذ ثمة قلق وخوف وانتظار، فإذا ما وزنا الكفتين أيهما ترجح؟
ـــ أعتقد أنهما متوازنتان، لأن النجاح من دون خوف وقلق وثقافة وإلمام لا يستمر.
• هل يكفي الفنان أن ينوي النجاح لينجح، أم ثمة حظ وتوفيق من عند الله؟
ـــ لا بالطبع التوفيق من عند الله يأتي في المقام الأول، لكن لا شك في أن من يتعب يلقى، فلا نجاح من دون تعب.
• هل سبق وذقت طعم الفشل؟
ـــ لغاية الآن لا.
• هل خذلك جمهورك في مرحلة ما؟
ـــ الحمد لله جمهوري وفي ولم يخذلني يوماً.
• هل تعيشين هاجس انحسار الأضواء عنك بعد أن أثبتت تجارب الفنانين أن البساط يسحب دوماً من تحت أقدام النجوم لمصلحة نجوم جدد؟
ـــ عندما أشعر أنني سأخذل سأنسحب من تلقاء نفسي، لكن لغاية اليوم أشعر أن
ثمة توازنا بيني وبين جمهوري، وأصداء أعمالي الحمد لله إيجابية. لا مشكلة
لدي في انحسار الأضواء عني لأن لا أحد منا مخلد، وعندما أشعر أن الوقت حان
لأنسحب سأنسحب.
• ما المؤشرات التي تنبئك بضرورة الانسحاب؟
ـــ الله أعلم، لا أريد استباق الأمور.
• ما حقيقة ما أشيع عن علاقتك بهشام طلعت المتهم بقتل الفنانة سوزان تميم؟
ـــ (تجيب بحدّة) أنا هنا لأتحدث عن البومي الجديد فحسب، لا أريد الحديث عن هذا الموضوع ولا حتى التعليق عليه سلباً أو إيجاباً.
لغط من الساحة الفنية
• أثير الكثير من اللغط حول جائزة الموسيقى العالمية التي حصلت عليها
الفنانة نانسي عجرم هذا العام، كفنانة حصلت سابقاً على الجائزة، ما رأيك
في اللغط المثار؟
ـــ لا أعرف شيئاً عن هذا الموضوع، كل ما أعرفه أنهم اتصلوا بي قبل سنوات
لينبئوني بحصولي على الجائزة، أما ما يثار عن لغط ودفع أموال فلا علاقة لي
به وليس لديّ أي فكرة عن الموضوع.
• ألم تسمعي عن اللغط الذي جرى هذا العام بين جمهور إليسا وجمهور نانسي؟
ـــ لا، قد أقرأ أحياناً بعض ما يكتب لكنه لا يعنيني ولا أتدخل به، وأفضل الاهتمام بفني.
• لماذا أصبح جو الفن قاتماً إلى هذا الحد؟ صراعات ومؤامرات وجرائم؟
ـــ لا فكرة لدي، أنا أتحدث عن الأمور الخاصة بي، وما زلت أرى الفن بمنظار
جميل غير ذلك الذي تتحدثين عنه. الوسط الفني هو أجمل وسط ولا أرى فيه
الصراعات والمؤامرات التي تتحدثين عنها. لا أرى هذه الجوانب، أجهلها ولا
أعرف التعامل معها، بل أتعامل مع الفن الراقي البسيط الجميل، الذي يلامس
الناس البسطاء.
• أنت ترين الفن كما تحبين أن تريه وليس كما هو؟
ـــ بالضبط. أنا أرى الفن كما أحب أن أراه. لا يعنيني الحقد ولا المصالح ولا المؤامرات.
محاولة اغتيال
• مع أن اسمك زج في أكثر من مؤامرة ومؤخراً ما قيل عن تعرضك لمحاولة قتل في الجزائر؟
ـــ الذين حاولوا زج اسمي في مؤامرات إنما زجوا بأنفسهن فيها، أما عما قيل فأفضل عدم الرد.
• لكن قيل إنك طلبت حماية خاصة من السلطات الجزائرية خوفاً من تهديد تلقيته من الفنانة فلة؟
ـــ لا طبعاً هذا الأمر غير صحيح، فأروع البلاد التي زرتها كانت الجزائر،
وقد نفيت الإشاعات التي تمّ تداولها آنذاك وتحديداً من الجزائر.
• بين القاهرة، بيروت، باريس، تونس وغيرها من العواصم، أنت في حال ترحال دائم، هل تتوقين إلى الاستقرار؟
ـــ استقراري في ترحالي، برجي الدلو وأنا بطبعي أعشق السفر، واذا ما شعرت بالتعب آخذ فترة من الراحة وانطلق من جديد